بسم الله الرحمن الرحيم
/
\
/
المكان مزدحم .. أناسٌ كثيرون .. نساء ورجال وأطفال ..
ترتفع الأصوات في ذلك المكان .. إزعاج له خواصه .. كل شيء طبيعي ..!! إنني في السوق ..
المزاج متعكر .. أمورٌ لا يتقبلها عقل واعي .. ولا يرتاح لها قلب يردعه دين .. الله المستعان ..
ألوان من عباءات مخصرة .. ضحكات عالية .. وتفنن في المشي .. هداهن الله ..
سجائر هنا وهناك .. شبابٌ يدخنون .. جولات في ممرات السوق لغير هدف .. مجرد مضايقات .. هداهم الله ..
[ متى أعود للمنزل ] لم يتعب لساني من تكرار هذه الجملة ..
فالوضع لا يحتمل .. ساعة واحدة كأنها ساعات وساعات ..
وأخيـراً أنتهيت .. مباشرة للمحاسبة .. وفي أثناء الطريق .. ( أقف ) ..!!
يالله .. أي شعور شعرت به .. صوته دخل أعماق قلبي ..
بكاءه أعاد الحياة لحادثة قديمة حصلت لي وقت الطفولة ..
( ماما .. بابا ) هي كلمتان فقط .. لكنها حولت ذلك الإزعاج إلى هدوء بالنسبة لي .. لم أعد أسمع إلا بكاءه ..
طفل صغير ضائع في السوق ..!!
الناس على حالهم .. لم يكترث أحدٌ بهِ .. ولم تستوقف دمعاته التي تتساءل أين ماما ؟؟ أين بابا .. قلب أحدٍ منهم ..
يمرون بجانبه وكأن شيئاً لم يكن .. لم يشعروا بشعوره .. ولم يجربوا تلك الدموع ..
ضياع تشعر به .. تنادي ولكن مامن مجيب .. تصبح الحركة سريعة .. والأرض كبيرة .. كبيرة جداً ..
تقف .. وجسمك الصغير يرتعش خوفاً .. ودمعك ينهمر على خدّيك .. ولسانك يردد : ماما بابا ..
أسرعت إلى الصغير .. وأنا أطوي صفحة من ذكرياتي .. وأمسح دمع طفولةٍ قد عادت إليه الحياة ..
لا تقلق ياصغيري .. أمك وأبوك سيأتون ليأخذوك .. تعال معي ..
وإلى الإستعلامات .. ومن ثم النداء على عائلته .. وبعد دقائق جاؤا وأخذوه ..
×
×
×
عدتُ إلى المنزل .. ووضعت رأسي على وسادتي .. لعلي أنام بعد ليلة متعبة .. لكن النوم بعيد عنيّ ..
مازال منظر الطفل .. وأنفاسه المتلاحقة التي أخذت شيئاً فشيئاً بالهدوء وابتسامته ودمعه الذي اطمئن عندما رأى والديه وهما قادمان إليه..
( عالقاً في ذهني )
أخذتُ أفكر في الموقف .. لا شك وأنه ضياع مؤلم .. لكنّ ألمه فترة فقط ثم يتلاشى ..
غير أن هناك ضياعاً أكثر إيلاماً من هذا ..!!
أمــة .. ملايين من الناس .. ضائعون .. لا دين لهم .. ولا إله لهم ..
وهل عبادة النار دين ..؟!
أم هل السجود للبقر والفئران دين ..؟!
ياترى هل الإعتقاد بإن الوجود على الأرض صدفة .. عقيدة مقدسة ..؟!
ماذا عن الإيمان بإلوهية تمثال لا ينفع ولايضر هل هذا من إحترام معنى الإله أصلاً ..؟!
ضائعون تائهون .. هم بأنفسهم حقروا ذاتهم .. أرواحهم لا معنى لها .. تفتقد لحاجة ماسة .. ( العبادة ) .. وهاهم صرفوها لمن لا يستحقها ..
أليس هذا [ منظراً مؤلماً كئيباً ] ..؟
دين ( الإسلام ) الصالحِ لكل زمان ومكان وضعوه جانباً .. ورضوا بتصديق تلك الأكاذيب عنه ..
لم يبحثوا عن الحقيقة عندما شعروا بالتشتت .. لم يفكروا يوماً بإن يكذبوا تلك القصص المشوهة عن الإسلام عندما أحسوا بمرارة الحياة ..
أكتفوا بمحو أنفسهم عن الوجود بإنتحار سخيف .. ظناً منهم أن كـل شيء أنتهى .. لكن لا .. النهاية لم تبدأ بدايتها بعد ..
بعيدون عن الحق .. ضياعهم سبب لهم ألماً كبيراً .. يعيشونه يوماً وراء يوم .. تارة يشعرون .. وتارة لا يشعرون .. هي [ قلوبهم] ماتت من ألم هذا الضياع ..
أتألم لأجلهم .. لكن أمرهم إلى الله .. إن شـاء هداهم .. وإن شاء أضلهم ..
×
×
×
ذلك الضياع كان ألمه شيئاً يسيراً ..!!
نعم هذا صحيح .. هناك ضياع أشد إيلاماً مما سبق .. تدمع له عيوننا .. وتنبض له قلوبنا متسائلة : لما ..؟؟
بعد أن كانوا على الطريق الحق ضلوا .. في السابق مسلمين .. أما الآن فهم فخورون بإرتدائهم الصليب .. !!
بعد أن كان إسم الواحد منهم عبد الله وعبد الرحمن وعمر ....... أصبحت آذانهم تطرب لسماع أحدٍ يناديهم جون .. مايك .. فرانك ........!!
[ الله المستعان ] أكتفي بها ولا تعليق آخــر !!! فلن يقوى قلمي أن يكتب .. فالصورة أمامي كئيبة مظلمة .. ضاعوا وأيُّ ضياع ..
×
آخرون كانوا صالحين .. لكنهم أنحرفوا .. رفقة سوء نصبت الخيام بقربهم .. وبدأت رحلتها معهم .. فغيروا وأثروا .. فانقلب الحال وتبدلت الأحوال ..
هجروا المساجد .. وتعاطوا المخدرات .. نهبوا البيوت واشتهروا بالسرقات .. دخلوا السجون وزاد ظلام حياتهم ..
[يالله ] .. ضاعوا وضاعت آمال أسرِهم .. تألموا لحالهم .. وشاركناهم الألم ..فهم أبناء مجتمعاتنا .. لا حول ولا قوة إلا بالله ..
×
أما آخرون فقد ضاعوا مرتدين قناع الإسلام .. ومتسلحين به .. وإيُّ سلاح ..!! مسحوا به يسر الإسلام وسماحته ..
نحن نبني [صرحاً للدعوة للإسلام ] .. ونصحح صورته في نفوس البعيدين عنه .. وهم يهدمونه بأفعالهم والإسلام منها براء ..
كم هو صعب .. وكم هو مؤلم .. أن تزهق أرواح أناس أبرياء .. ولماذا ياترى ..؟ ( لرفع راية الإسلام ) !!!
سحقاً لهذا الفكر الضال .. لهذا الإستهزاء واللعب بأحكام الشريعة ..
مازلت أذكر ذلك الحدث الشؤم .. لاتزال المحادثة بين ( أميرنا حفظه الله ) مع الإنتحاري باقية في ذهني ..
أسمع وأتذكر صورة ذلك الشاب .. مالذي ربحه ..؟ غيرأشلاء متناثرة .. وعذاب أليم عند الله ..
قتل روحه .. ولأجل مــاذا ..؟ [ لا تعليق ] !!
ضاع و ضاع معه كثيرون .. تلوث فكرهم بسموم الإرهاب .. وأختلطت الأمور عندهم .. وأنقلب مفهموم الإسلام لديهم ..
مؤلم ضياعهم أشد ألم .. يظنون أنهم لن يشعروا به .. يكذبون بذلك قلوبهم التي تنبض بـ [لنعد لجادة الصواب ] .. لم يفكروا للحظة بإن النبض ألم ..!!
×
×
×
يقف قلمي بهدوء عن الكتابة .. وتهدأ نفسي التي أتعبها التألم لأجلهم ..
قلبي ينبض بـ نبضاتٍ متفائلة .. نعم هناك من ضاعوا .. لكن .. [ أمتنا مازال فيها الخيــر ] ..
رائــع مروركم .. هو مايسعدني ..
وفقكم الله ورعــاكم
تعليق